كأنها نائمة
كأنها نائمة
Regular price
LE120.00 EGP
Regular price
Sale price
LE120.00 EGP
Unit price
per
حفظت ذاكرة ميليا مشهد ضهر البيدر، كأنه خيال ظلّ مرسوم باللون الأسود. زوجها منصور حوراني يحمل شمعة صغيرة، ويمشي أمام السيارة ببدلة العرس السوداء، والمعطف الزيتي الطويل. جلست الفتاة بثياب العرس البيضاء في المقعد الخلفي من السيارة، تغطت بالعتمة وهي تشاهد صلعة السائق تلمع بالقشور البيضاء، سوف تقول لزوج
ها عند وصولها إلى مدينة الناصرة في الجليل أن صورته انطبعت في عينيها شبحاً أسود يتداعى أمام السيارة التي لم تستطع أضواؤها الأمامية أن تشق الضباب الكثيف الذي غطى مرتفع ضهر البيدر في تلك الليلة المثلجة. في الثالثة من بعد ظهر السبت 12 كانون الثاني 1946، تزوج منصور وميليا، في كنيسة الملاك ميخائيل،و بارك إكليلهما الكاهن بولس سابا، عندما انتهت الصلاة وقف العروسان أمام باب الكنيسة، وحولهما أفراد عائلة ميليا من أجل تقبل التهاني. انهمرت الدموع من عيني ميليا فلم تر أحداُ من المهنئين، كانت دموعها تقفز من عينيها كأنها تطير، قبل أن تحط على خديها الأبيضين، منصور الذي احتلت ابتسامة عريضة شفتيه الرفيقين، كاشفة عن أسنان صغيرة بيضاء، لم ينتبه إلى بكاء عروسه إلا حين سمع أمها تنهرها قائلة: "عيب يا ميليا شو نحن بدفن، هيدا عرس"ز وعندما غادر جميع المدعوين حاملين علب الملبس الفضية ولم يبق في باحة الكنيسة سوى أفراد لعائلة، اقتربت الأم من ابنتها وضمتها إلى صدرها، وارتجفت المرأتان بالبكاء. أزاحت الأم ابنتها وقالت: "ولو يا بنتي رح تقطعيلي قلبي.." ابتسمت العروس وهي تشرق دموعها.. وأحاط أشقاء ميليا بالعروسين، رأت العروس شقيقها موسى وبؤبؤاه يتصاغران داخل عينيه، فأحست بالخطر، رفعت يدها بشكل لا إرادي كأنها تغطي وجه زوجها، وتحميه من نظرات أخيها
هي قصة ميليا، ميليا تلك التي أخيراً عادة المنامات إلى ليلها. ميليا ترى نفسها في المنامات فتاة صغيرة جداً، في السابعة ذات شعر أسود قصير ومجعد، تركض بين الناص وترى كل شيء، وحين تنهض في الصباح، تروي ما تشاء، فينظر إليها الجميع بخوف وذهول لأن مناماتها تشبه النبوءات التي تتحقق دائماً لم تخبر ميليا أحداً تخبئ مناماتها في مكان عميق تحت العتمة، تحفر في العتمة وتضع مناماتها. تذهب إلى الحفرة حين تشاء، تخرج ما تريد من مناماتها وتحلمها من جديد، وميليا والليل، ليست ميليا النهار... صار الليل بئراً وهي في قعر البئر... ويمضي الروائي في سرد حكاية هذه الميليا بين الحلم واليقظة تجتزئ حياتها الأحداث الفلسطينية عندما بدأ الاستعمار الصهيوني يزرع كيانه في تلك الأرض
تأليف :الياس خوري
عدد الصفحات : 392
الفئة العمرية : الكبار
الترقيم الدولي : 9789953890159
ها عند وصولها إلى مدينة الناصرة في الجليل أن صورته انطبعت في عينيها شبحاً أسود يتداعى أمام السيارة التي لم تستطع أضواؤها الأمامية أن تشق الضباب الكثيف الذي غطى مرتفع ضهر البيدر في تلك الليلة المثلجة. في الثالثة من بعد ظهر السبت 12 كانون الثاني 1946، تزوج منصور وميليا، في كنيسة الملاك ميخائيل،و بارك إكليلهما الكاهن بولس سابا، عندما انتهت الصلاة وقف العروسان أمام باب الكنيسة، وحولهما أفراد عائلة ميليا من أجل تقبل التهاني. انهمرت الدموع من عيني ميليا فلم تر أحداُ من المهنئين، كانت دموعها تقفز من عينيها كأنها تطير، قبل أن تحط على خديها الأبيضين، منصور الذي احتلت ابتسامة عريضة شفتيه الرفيقين، كاشفة عن أسنان صغيرة بيضاء، لم ينتبه إلى بكاء عروسه إلا حين سمع أمها تنهرها قائلة: "عيب يا ميليا شو نحن بدفن، هيدا عرس"ز وعندما غادر جميع المدعوين حاملين علب الملبس الفضية ولم يبق في باحة الكنيسة سوى أفراد لعائلة، اقتربت الأم من ابنتها وضمتها إلى صدرها، وارتجفت المرأتان بالبكاء. أزاحت الأم ابنتها وقالت: "ولو يا بنتي رح تقطعيلي قلبي.." ابتسمت العروس وهي تشرق دموعها.. وأحاط أشقاء ميليا بالعروسين، رأت العروس شقيقها موسى وبؤبؤاه يتصاغران داخل عينيه، فأحست بالخطر، رفعت يدها بشكل لا إرادي كأنها تغطي وجه زوجها، وتحميه من نظرات أخيها
هي قصة ميليا، ميليا تلك التي أخيراً عادة المنامات إلى ليلها. ميليا ترى نفسها في المنامات فتاة صغيرة جداً، في السابعة ذات شعر أسود قصير ومجعد، تركض بين الناص وترى كل شيء، وحين تنهض في الصباح، تروي ما تشاء، فينظر إليها الجميع بخوف وذهول لأن مناماتها تشبه النبوءات التي تتحقق دائماً لم تخبر ميليا أحداً تخبئ مناماتها في مكان عميق تحت العتمة، تحفر في العتمة وتضع مناماتها. تذهب إلى الحفرة حين تشاء، تخرج ما تريد من مناماتها وتحلمها من جديد، وميليا والليل، ليست ميليا النهار... صار الليل بئراً وهي في قعر البئر... ويمضي الروائي في سرد حكاية هذه الميليا بين الحلم واليقظة تجتزئ حياتها الأحداث الفلسطينية عندما بدأ الاستعمار الصهيوني يزرع كيانه في تلك الأرض
تأليف :الياس خوري
عدد الصفحات : 392
الفئة العمرية : الكبار
الترقيم الدولي : 9789953890159
Shipping Weight (g) :