تكاد تتوازى مسيرة التقدم البشري مع صيرورة نزع السحر عن العالم ونفي العنصر الغيبي في تفسير الطبيعة والمجتمع والتاريخ. لقد جرى التخلص أولً من سحر الخرافة الذي شغل جُلَّ التراثيات الإنسانية لحقبة طويلة من الزمن وأطال الحديث عن قوى سحرية خفية قادرة على التأثير في البشر والتلاعب بأقدارهم، أفضى الركون إليها والاستسلام لسطوتها إلى تزييف الحقيقة بالتهويم على عقول الناس، وطمس الحرية بالمخاتلة على إرادتهم حتى فقدوا القدرة على تدبر أكثر الأمور عادية، وخضعوا لأشكالٍ من الوصاية كانت عبئًا على الوضع البشري.كان أول الأوصياء هو الساحر نفسه؛ خصوصًا وقد صار كاهنًا كبيرًا يُعرف ب"الشامان" تصور بعض الفلاسفة وعلماء الأنثروبولوچيا أنه بمثابة أصل نشأة الدين، حيث ادَّعى قدرته على تفسير الحوادث والتنبؤ بها والتحكم في حركة الكواكب والأفلاك، وفرض على عوام الناس طقوسًا سحرية ارتبطت بالأعمال السفلية وأفضت إلى العديد من السلوكيات التي نُسبت إلى الدجل والشعوذة؛ ولذا فقد مثَّل اختفاء سحر الخرافة أمام تصاعد العقلانية الحديثة مَعْلمً على حركة التقدم الإنساني
تأليف : صلاح سالم
عدد الصفحات : 422
مقاس الكتاب : 14*24 الفئة العمرية : الكبار الترقيم الدولي :9789770001174