تمدّدت على الأرض، غفوت للمرّة الأولى لوقت طويل، كانت الوجوه تنساب في ذاكرتي. كانوا أحياءً هذه المرّة، تشمّمت عطر سعاد الذي لا يمكن نسيانه، رائحة جوزفين القريبة من رائحة شجر الكينا، لا أعرف سرّ رائحتها هذه، كانت تخاف الأشياء الفاضحة، رغبت في العيش كامرأة زاهدة، فعلت ما رغبت فيه، لم تعنها يومًا الخزائن المليئة بالثياب، تخنقها الأشياء، لذلك توزعها دوماً. لم أفهم معنى رسالتها إلّا متأخراً، ماذا تفعل الأشياء فينا؟ تطمرنا وتحيلنا إلى موتى أو إلى أشياء مثلها
شعرت بالراحة، فكّرت بأنّ الكوابيس لن تعود مرّة أخرى، لكنّ الدم الذي يجري في عروقي كان لرجل ميت، ما زلت متأكداً من أن وجهي هو وجه سحلية بقرون عاشت منذ عهود غابرة. نهضت، للمرّة الأولى صنعت قهوتي، جلست قرب النافذة، كانت الشمس تغرب، كم هو فاتن وساحر مشهد الشمس حين تغرب، لون الليل يتغيّر كلّ لحظة، شعرت بخفة لامتناهية، كما يشعر كلّ الأموات حين يتورّطون في العيش مع البشر
تأليف : خالد خليفة
عدد الصفحات : 494
مقاس الكتاب : 14*21 الفئة العمرية : الكبار الترقيم الدولي :9789774905476